“استراتيجية مكافحة معاداة السامية”.. كيف يخطط الاتحاد الأوروبي لتكميم أفواه منتقدي الاحتلال؟
في ظل سعي الاحتلال لتكميم أفواه منتقديه والحقوقيين الذين يعملون على فضح الأعمال الإجرامية التي تقوم بها، نشر مسؤولو الاتحاد الأوروبي خطة لفرض رقابة على تعبيرات التضامن مع الفلسطينيين، تظاهرًا بمحاربة التعصب الأعمى ضد اليهود، وسرعان ما حظيت استراتيجية مكافحة معاداة السامية – كما سميت الخطة – بإشادة مجموعات الضغط المؤيدة لـ “إسرائيل”، وكان ذلك متوقعًا لسبب بسيط: لقد أثرت مجموعات الضغط نفسها بشدة على محتويات الخطة.
وكانت الخطة اسمياً من عمل المفوضية الأوروبية، الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، ويتمثل أحد التعهدات في أن اللجنة ستساعد في إنشاء شبكة من “المخبرون الموثوق بهم والمنظمات اليهودية” لمحاربة “معاداة السامية على الإنترنت”، وفي الوقت نفسه، يتم تشجيع حكومات الاتحاد الأوروبي على منح الشرطة والسلطات القضائية مزيدًا من السلطة والموارد حتى تتمكن من مقاضاة “خطاب الكراهية” على الإنترنت.
تشبه هذه المقترحات التوصيات التي قدمتها الجماعات الموالية لـ “إسرائيل” في ثلاث أوراق سياسات على الأقل صدرت على مدى سنوات عديدة، والفرق الحقيقي الوحيد هو أن بعض الالتزامات التي قطعها مسؤولو الاتحاد الأوروبي هي في الواقع أكثر جرأة وأكثر وضوحًا مما ضغطت عليه مجموعات الضغط في تلك الأوراق، وفي السابق ادعى كاتب إسرائيلي أن مناقشات جرت في البرلمان الأوروبي في إطار تجميد تمويل برامج التعليم في الأراضي الفلسطينية، بادعاء أنها تشجع “الجهاد والعنف ضد الإسرائيليين، وتمجد العمليات المسلحة”.
وقال إيتمار آيخنر في تقريره بصحيفة يديعوت أحرونوت: إن “مسؤولي الاتحاد الأوروبي المكلفين بتقديم المساعدة للفلسطينيين، اعترفوا بأن الكتب المدرسية الفلسطينية فيها محتوى إشكالي للغاية يثير قلقًا كبيرًا وخطيرًا، بما في ذلك معاداة السامية والتحريض على العنف وتمجيد الهجمات العسكرية”، على حد وصفه.
وأضاف أن “ثلاث جلسات استماع عامة عقدت منذ بداية الشهر في البرلمان الأوروبي بخصوص الكتب المدرسية الفلسطينية الجديدة استعدادًا لاجتماع لجنة الموازنة في نهاية شهر أيلول، وناقشت تجميد تمويل التعليم الفلسطيني، وجرت المناقشات في لجان الميزانية والعلاقات الخارجية والتعليم في البرلمان الأوروبي بعد نشر التقرير الذي طلبه الاتحاد الأوروبي بفحص مستوى التحريض على الكراهية والعنف وعدم الامتثال لمعايير اليونسكو التعليمية الدولية في الكتب الفلسطينية”.
وأشار إلى أن “هذا التوجه الأوروبي جاء بعد ثلاث سنوات من الحملة التي أطلقها المعهد الإسرائيلي للسياسة IMPACT-se، وتخللها إجراء بحوث مسحية ميدانية، وتم تقديمها لكبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمحتويات الكتب المدرسية التي تم نشرها في السنوات الأخيرة”.
وفي المقابل حثت مجموعة من 160 أكاديميًا يمثلون 21 دولة المفوضية الأوروبية على استخدام نفوذها وحظر الجامعات الإسرائيلية من تلقي أموال من برنامج الاتحاد الأوروبي الذي تبلغ قيمته أكثر من 100 مليار دولار، وفي رسالة أرسلتها إلى المفوضية، أشادت المجموعة بـالموقف المبدئي الحالي للاتحاد الأوروبي في إرشادات التمويل الخاصة به لأفق 2020 من خلال حظر تخصيص الأموال للكيانات الإسرائيلية الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطالب الأكاديميون الهيئة بالمضي أبعد من ذلك واستبعاد جميع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، التي وجهت إليها تهمة “التواطؤ في نظام الاحتلال العسكري الإسرائيلي والاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري”، وجاء في الرسالة: “إن تواطؤ المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في العنف البنيوي الذي تمارسه “إسرائيل” ضد الفلسطينيين عبر فلسطين التاريخية تم توثيقه على نطاق واسع ومنهجي”.
كما جاء في الرسالة: “بالنظر إلى الإجماع الناشئ بين بعض أبرز منظمات حقوق الإنسان، فإن جوهر المشكلة يتجاوز الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وتضمنت “سيكون من المهم توسيع حظر تمويل الأبحاث الأوروبية ليشمل المؤسسات الإسرائيلية المتواطئة في انتهاكات “إسرائيل” لحقوق الإنسان الفلسطيني، بغض النظر عن مكان وجودها”.