أوهام المطبعين السودانيين في مهب الريح

أوهام المطبعين السودانيين في مهب الريح
منذ الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، الذي ترك البلاد محملة بأعباء وديون وأزمات أرجعها محللوه إلى الحصار الذي ضربته الولايات المتحدة على السودان منذ العام 1993، على رغم حالة الفشل الاقتصادي والسياسي وغيرها مما جلبت الأزمات على السودان بعد ثلاثين عاما من الحكم، والأزمات لا زالت تتفاقم يوما بعد أخرى، والشعب ما يلبث أن يخرج من أزمة حتى يصدم بغيرها، لكن الأزمة الكبرى تمثلت في إدارة المشهد من قبل العسكر السوداني، والذي قاد البلاد إلى التطبيع بحجة رفع السودان من على قائمة الإرهاب، وهرول إلى الانضمام إلى دائرة المطبعين الجدد بعد القدامى.

وهم لا حقيقة له
منذ أن أعلنت السودان ممثلة في مجلس السيادة بقيادة عبد الفتاح البرهان موافقتها على عقد اتفاق التطبيع مع الكيان المحتل، وتكشفت حقيقة الأوهام التي سوقها المطبعون وأذيالهم في الإعلام والنقابات، حيث زعموا بأن اتفاق التطبيع كفيل بحل مشكلات الدولة، وجعلها تسير بسرعة البرق نحو الريادة الإقليمية، فلا زالت الأزمات تعصف بالمجتمع، أزمة الوقود، ثم الخبز والقمح، غير أزمة أسعار سعر صرف الدولار والتي أطاحت بقيمة العملة السودانية، والعاقل يدرك أن تلك الأزمات التي من شأن الحكومة أن تحلها لا علاقة لها بالاتفاقيات الخارجية، اللهم إلا إذا كانت إسرائيل ستشكل حكومة صهيونية لحكم السودان.

هل تعيد أمريكا تشكيل المنطقة بقيادة السودان؟
فريق آخر من أنصار التطبيع بين السودان ودولة الاحتلال الصهيوني يرددون أن الولايات المتحدة بصدد إعادة تشكيل المنطقة برمتها من جديد، وهذا التشكيل لابد أن يكون للسودان فيه قدما سابقة لمميزاتها كدولة كبيرة، وموقعها الجيوسياسي، وهذا من وجهة نظرهم يؤهل بلدا كالسودان أن تسبق إلى الأمام دولا سبقتها منذ سنوات، فالولايات المتحدة تسعى إلى تحجيم التوسع الصيني والروسي في أفريقيا، والتمدد الإيراني في منطقة الخليج، وهو ما يستلزم من السودان أن يستعد للسبق في هذا التشكيل المستقبلي.

السودان اليوم عصية على الابتزاز
على غير ما قال به المحللون يردد فريق آخر من أنصار التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني بأن اتفاق التطبيع لم يُملى على دولة السودان كما أنها لم تبتز للتوقيع عليه، القرار جاء في إطار رؤية المصالح السودانية في المنطقة، والاتفاق ليس جريمة ولا هو احتلال لبلادنا، العجيب أن هذا الكلام يردد أصحابه على رغم إعلان ترامب ودولة الاحتلال عن الاتفاق قبل أن تعرف به قوى التغيير في الداخل السوداني، وهو ما يبين حقيقة تلك الادعاءات والأكاذيب، فالتطبيع كان شرطا رئيسيا لرفع السودان من على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعدما تدفع لعائلات الضحايا تعويضا أعلن عنها ترامب في تغريدة له على تويتر.
الشعب وراء الدولة!
يزعم فريق أخير بأن الحديث حول الرفض الشعبي العام لاتفاق التطبيع وهما لا حقيقة له، إذ يرى سكوت الناس وعدم خروجهم للشوارع دليل على قبول الناس للاتفاق والتفافهم حول قيادتهم في المجلس السيادي، وهذا لا يعني أن هناك بعض من يرفض دولة إسرائيل لكنه يمتثل للقرار احتراما لقيادته ولدولته، لكن الزاعمون بهذا تناسوا حالة الضنك والفقر والأزمات التي يمر بها أهل السودان، تناسو ما رآه العالم كله من غرق البيوت والأراضي والشوارع وانعدام وسائل النجاة، تناسوا كل الأزمات التي كبلت الشعب أدت إلى سخطه، واعتبر أن سخط الناس بالعزوف عن الحياة برمتها هو موافقة على التطبيع، تناسوا أن السواد الأعظم من الشعب هو شريحة الشباب التي تلعن الديكتاتورية واليهود والعملاء في بلادنا، وهو من يناصرون فلسطين والأقصى وكل قضايا الأمة.
أوهام عديدة لا يمل الراقصون على سلم التطبيع من تكرارها لكن الواقع سرعان ما كشف كذبها وكذبهم.
اقرأ أيضًا: هل حلّ التطبيع مع الاحتلال أزمات السودان؟