أبناء الجولان يرفضون التطبيع ويدينون زيارة الوفد الدرزي إلى الكيان المحتل

مقدمة
لطالما كان الجولان السوري المحتل رمزًا للصمود والمقاومة، حيث رفض أبناؤه كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي فرض الأمر الواقع عليهم، وأصروا على هويتهم الوطنية وارتباطهم بوطنهم الأم، سوريا. في هذا السياق، أثارت زيارة وفد درزي قادم من السويداء إلى الأراضي المحتلة موجة من الغضب والرفض القاطع من قبل أهالي الجولان، الذين اعتبروها خطوة تطبيعية مرفوضة وخيانة لتضحيات الأجيال التي ناضلت من أجل تحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة.
الرفض الشعبي القاطع: موقف ثابت لا يتغير
يعكس موقف أبناء الجولان المحتل من هذه الزيارة استمرارًا لموقفهم الثابت ضد أي شكل من أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، سواء كان تحت غطاء ديني، اجتماعي، أو أي مبرر آخر. فمنذ احتلال الجولان عام 1967، لم يتوقف نضال أبنائه ضد محاولات الاحتلال فرض الهوية الإسرائيلية عليهم، بدءًا من رفض الجنسية الإسرائيلية، مرورًا بالاحتجاجات المستمرة، ووصولًا إلى التمسك بقرار رفض التعامل مع الاحتلال بأي شكل من الأشكال.
ويؤكد أبناء الجولان أن أي زيارة إلى الأراضي المحتلة يجب أن تكون في سياق مقاومة الاحتلال، وليس بناء جسور تواصل معه، خاصة عندما تأتي من أبناء الوطن نفسه، مما يجعلها أكثر إيلامًا ورفضًا.
خيانة للدماء والتضحيات: التطبيع طعنة في ظهر النضال الوطني
من منظور أهالي الجولان، لا يمكن النظر إلى هذه الزيارة بمعزل عن التضحيات الجسام التي قدمها أبناء المنطقة في سبيل التحرر من الاحتلال. فمنذ احتلاله، تعرض الجولان لحملات تهجير واسعة، وتدمير القرى والمزارع، ومصادرة الأراضي لصالح المستوطنات الإسرائيلية، بينما لا يزال سكانه يعانون من سياسات القمع والتمييز الإسرائيلي.
كيف يمكن تبرير زيارة وفد درزي إلى الأراضي المحتلة، بينما لا تزال دماء الشهداء الذين قاوموا الاحتلال شاهدة على جرائمه؟ كيف يمكن القبول بأي شكل من أشكال التواصل مع الاحتلال، في الوقت الذي يستمر فيه في قمع الفلسطينيين، والاستيطان، ونهب الموارد، وطمس الهوية العربية للجولان المحتل؟
الجولان المحتل: ذاكرة لا تمحى وهوية غير قابلة للتشويه
قبل احتلال الجولان عام 1967، كان يضم أكثر من 300 قرية ومزرعة مأهولة بالسكان، تنوعت بين القرى السنية والدرزية والعلوية. وبعد الاحتلال، دُمرت غالبية هذه القرى بالكامل، ولم يتبقَ سوى خمس قرى مأهولة، وهي:
- مجدل شمس – كبرى القرى، تقع شمال الجولان عند سفح جبل الشيخ.
- بقعاثا – تقع إلى الجنوب الشرقي من مجدل شمس.
- مسعدة – تقع في المنطقة الوسطى من الجولان المحتل.
- عين قنية – تقع بالقرب من مسعدة.
- الغجر – قرية يسكنها سكان من الطائفة العلوية، وتقع على الحدود اللبنانية.
أما القرى السنية، فقد دُمرت بالكامل بعد الاحتلال، وكان من أبرزها كودنة، فيق، سكوفيا، العال، الخشنية، السنابر، الجويزة، كفر حارب، تل السكن، عين وردة، الدلهمية، وغيرها من القرى التي هُجر سكانها قسرًا إلى الداخل السوري، في سياسة تهدف إلى تفريغ الجولان من سكانه الأصليين وإحلال المستوطنين مكانهم.
التطبيع: بوابة لشرعنة الاحتلال
يرى أبناء الجولان أن أي تعامل مع الاحتلال هو اعتراف ضمني بشرعيته، وهو ما لا يمكن القبول به. فإسرائيل لم تكن يومًا صديقًا للشعب السوري، بل هي العدو الغاصب الذي هجّر، واغتال، واستوطن، ونهب الموارد، وفرض سياسات التمييز والعنصرية على أبناء الجولان.
ولهذا، فإن أي تواصل مع الاحتلال، سواء بغطاء ديني، اجتماعي، أو حتى اقتصادي، لا يخدم سوى أجندة إسرائيل في شرعنة احتلالها وترسيخ مشروعها التوسعي، في الوقت الذي يجب فيه العمل على عزله دوليًا وملاحقته على جرائمه.
رسالة أبناء الجولان: لا للتطبيع بأي شكل من الأشكال
يجدد أبناء الجولان المحتل رفضهم المطلق لأي محاولات للتطبيع مع الاحتلال، مؤكدين أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا بعودة الجولان إلى حضن الوطن السوري، ورفض كل أشكال التعاون مع العدو الصهيوني.
ويطالب أبناء الجولان القوى الوطنية والمجتمعية في سوريا وخارجها برفض هذه الزيارة وإدانتها بشكل واضح، وعدم السماح لأي جهة كانت بأن تستغل المواقف السياسية أو الطائفية لتبرير أي انحراف عن الثوابت الوطنية.
خاتمة: معركة الوعي مستمرة
ليست قضية الجولان قضية قابلة للمساومة، وأي محاولة لتجاوز الخطوط الحمراء في التعامل مع الاحتلال ستقابل برفض قاطع من أبناء الجولان، الذين لم ولن يساوموا على كرامتهم أو سيادتهم الوطنية.
ويبقى الجولان، رغم كل محاولات الاحتلال لفرض واقع جديد عليه، أرضًا عربية سورية لا يمكن طمس هويتها، ولا يمكن أن تكون ساحة للتطبيع، مهما حاول البعض فتح قنوات التواصل مع العدو المحتل.